يجعلان الامّة غير مستوعبةٍ للإسلام؛ لأنّها لم تَعِش الإسلام إلّا زمناً قصيراً بحكم العامل الكمّي، ولم تعشه إلّا بصورة مشوّهةٍ بحكم العامل الكيفي.
إذاً، فلا تتحصّن بالطاقة التي تُمنِعُها[1] وتحفظها من الانهيار[2] أمام الكافرين وثقافاتهم. ومن هنا، تنهار الامّة وتتنازل بالتدريج عن عقيدتها وآدابها وأحكامها، ويخرج الناس من دين الله أفواجاً.
وهذا هو واقع الفكرة التي عرضتها روايةٌ عن أحد أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)- ولا أذكر من هو- تقول: إنّ أوّل ما يتعطّل من الإسلام هو الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى، وآخر ما يتعطّل من الإسلام الصلاة[3].
هذا هو تعبيرٌ بسيط، شرحُه هو ما قلناه من أنّ أوّل ما يتعطّل هو الحكم بما أنزل الله، أي: إنّ الزعامة والقيادة والدولة تنحرف، وعندما تنحرف سوف يتعطّل الحكم بما أنزل الله، وهذا الخطّ ينتهي حتماً إلى أن تُعطَّل الصلاة، أي إلى أن تتميّع الامّة.
تعطُّلُ الصلاة هو مرحلةُ أنّ الامّة تتعطّل، أنّ الامّة تتنازل عن عقيدتها، أنّ الامّة تضيِّع رسالتها وآدابها وتعاليمها. الحكم بغير ما أنزل الله معناه: أنّ التجربة سوف تنحرف، أنّ المجتمع يتميّع.
فهذا خطٌّ متسلسل نستنبطه من الرواية، تقول هذه الرواية: أوّل ما يتعطّل هو الحكم بما أنزل الله، وآخر ما يتعطّل هو الصلاة، آخر ما يتركه المسلمون هو الصلاة، وبمعنى آخر: يتركون الإسلام.
[1] أي: تجعلها ذات مِنعة.
[2] كذا في( غ) و( ف)، وفي( م):« الانصهار».
[3] لم نعثر عليه عن أحد أئمّة أهل البيت( عليهم السلام)، ولعلّه( قدّس سرّه) أراد ما روي عن رسول الله( صلّى الله عليه وآله):« أوّل ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة» المسائل والرسائل المرويّة 42: 2. وكثيراً ما روي عن عبدالله بن مسعود، فراجع: المصنّف( عبد الرزّاق) 363: 3؛ كتاب الفتن( ابن حمّاد) 2: 603؛ الكتاب المصنّف في الأحاديث والآثار( ابن أبي شيبة) 256: 7.