لأجل أن يمثّل عليٌّ (عليه السلام) أمجاد اسرته.
هذا التفكير كان منسجماً مع الوضع النفسي الذي يعيشه أكثر المسلمين كرواسب جاهليّة، كرواسب عرفوها قبل الإسلام، ولم يستطيعوا أن يتخلّوا عن ذلك تخلّياً تامّاً[1].
أَلَسنا نعلم أنّ هؤلاء المسلمين الغيارى المجاهدين ماذا صنعوا في غزوة حنين حينما وزّع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المال والغنائم على قريش ولم يُعطِ الأنصار؟! وزّع على قريشٍ، على أهل مكّة، ولم يعطِ أهل المدينة. ماذا صنع أهل المدينة؟ أخذ بعضهم يقول لبعض: إنّ محمّداً لقي عشيرته فنسينا، لقي قريشاً ونسي الأوس والخزرج[2]، [نسيَ] هاتين القبيلتين اللتين قدّمتا ما قدّمتا للإسلام.
إذاً، فكان هؤلاء على المستوى الذي تصوّروا أنّ هذا القائد الرائد العظيم الموضوعيَّ الذي كان يعيش الرسالة آثر قبيلته بمال، آثر عشيرته بمال، فكيف لا يتصوّرون أنّه آثر عشيرته بحكمٍ وزعامةٍ وقيادةٍ على مرّ الزمن والتاريخ؟!
هذا التصوّر كان يصل إلى هذا المستوى المتدنّي من الوعي. هؤلاء لم يدركوا أبعاد محمّد (صلّى الله عليه وآله)، لم يكونوا قد أدركوا أبعاد الرسالة الإسلاميّة، كانوا بين
[1] في( غ):« لم يستطيعوا أن يتحمّلوا تحمّلًا تامّاً»، وفي( ف) إضافة:« أبعاد الرسالة»، وما أثبتناه من( م).
[2] تقدّم الاستشهاد بهذه الواقعة في المحاضرة الخامسة، وراجع: السيرة النبويّة( ابن هشام) 499: 2؛ الطبقات الكبرى 117: 2؛ الكتاب المصنّف في الأحاديث والآثار( ابن أبي شيبة) 416: 7؛ المسند( ابن حنبل) 188: 3؛ الجامع المسند الصحيح المختصر( البخاري) 4: 59؛ الجامع الصحيح( مسلم) 106: 3؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 94: 3؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 145: 1؛ دلائل النبوّة 173: 5؛ تاريخ الإسلام 600: 2؛ البداية والنهاية 357: 4.