قدّمت هذه الاطروحة من قبل الواعين من المسلمين بزعامة الأئمّة من أهل البيت (عليهم السلام).
ولنعلم مسبقاً- وقبل أن نأتي إلى التفاصيل- أنّ هذه الاطروحة التي قدّمها الأئمّة (عليهم السلام) للإسلام لم تكن تتفاعل مع الشيعة المؤمنين بإمامة أهل البيت (عليهم السلام) فقط، بل كان لها صدىً كبيرٌ في كلّ العالم الإسلامي؛ حيث إنّ الأئمّة (عليهم السلام) كانت لهم اطروحة الإسلام، وكانت لهم دعوة[1] لإمامة أنفسهم.
صحيحٌ أنّ الدعوة لإمامة أنفسهم لم يطلبوا لها إلّا عدداً ضئيلًا من مجموع الامّة الإسلاميّة إلى أواخر حياتهم (عليهم السلام)، إلّا أنّ الاطروحة الواضحة التي تمثّل الإسلام الصحيح من كلّ جهاته، والتي مثّلها الأئمّة (عليهم السلام) والواعون الملتفّون حولهم، تفاعلت مع مجموع الامّة الإسلاميّة في كلّ أبعادها، تفاعلت مع اناس من أكابر الامّة ومن أكابر مفكّريها، وهي التي ثبّتت إسلام كلّ الأقطار الإسلاميّة.
الامّة الإسلاميّة بمجموعها تفاعلت مع هذه الاطروحة؛ فكان الخطّ الكبروي للأئمّة (عليهم السلام) هو تقديم الاطروحة الصحيحة للإسلام، والنموذج والمخطَّط الواضح والصريح له في كلّ مجالاته الخاصّة والعامّة، في المجالات الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والخلقيّة والعباديّة. في كلّ هذه المجالات كان هؤلاء الأئمّة (عليهم السلام) والواعون من المسلمين يقدّمون هذه الاطروحة الواضحة، التي جعلت المسلمين على مرّ الزمن يسهرون على الإسلام، ويحمونه، ويقيّمونه، وينظرون إليه بمنظارٍ آخر غير منظار الواقع الذي يعيشونه، غير منظار التجربة التي يعيشونها.
هذا هو الخطُّ الثاني الذي عمل عليه الأئمّة (عليهم السلام).
[1] في( م) و( ف) و( غ):« دعوى».