ثمّ يتعمّق حتّى تنهار التجربة.
وإذا انهارت التجربة أمام أوّل غزو، أمام أوّل تيّار يدرك الامّة الإسلاميّة، فسوف لن تحارب عن إسلامها كامّة؛ فالامّة الإسلاميّة لم تعش[1] إلّا التجربة المنحرفة المضلّلة، إلّا هذه التجربة المشوّهة عن الإسلام[2]، إذاً فسوف لن تحارب عن إسلامها كامّة. بعد أن تنهار الدولة وتنهار الحضارة الحاكمة، تنهار الامّة كامّةٍ أيضاً، سوف تتنازل عن إسلامها؛ لأنّها لم تجد في هذا الإسلام ما تدافع عنه.
أعتقد أنّ الامّة الإسلاميّة لو كانت قد عاشت الإسلام فقط من منظار عمر وأبي بكر وعثمان ومعاوية وعبد الملك بن مروان وهارون الرشيد، والباقي من هؤلاء الخلفاء غير الصالحين الذين تزعّموا التجربة الإسلاميّة، لو أنّ الامّة كانت قد عاشت الإسلام من هذا المنظار فقط، إذاً لتنازلت عن هذا الإسلام بكلّ رحابة صدر.
ماذا وجدت من هذا الإسلام؟ وماذا جنت منه؟ كيف نقدر أن نتصوّر أنّ الإنسان غير العربي يدافع عن الإسلام الذي يتبنّى زعامة العربي على غير العربي؟ كيف نتوقّع من العربي أو الفارسي أن يدافع عن كيانٍ يعتبر هذا الكيان ملكاً لُاسرةٍ ولقبيلة من قبائل العرب، و [هي] اسرة قريش؟ كيف يعقل أنّ هؤلاء المسلمين يشعرون بأنّهم قد وجدوا حقوقهم وكرامتهم في مجتمعٍ يضجّ بكلّ ألوان التفاوت والتمييز والاستئثار والاحتكار؟ ولذا كان من الطبيعي أن يتنازلوا عن هذا الإسلام حينما تنهار التجربة بعد تعمّق الانحراف.
إلّا أنّ الذي جعل الامّة لا تتنازل عن الإسلام هو المثل الآخر الذي قُدّم له، مثلٌ واضح المعالم، أصيلُ المثل والقيم، أصيلُ الأهداف والغايات،
[1] العبارة غير مثبتة في( ف)، وفي( م): كلمة غير مفهومة، وكذلك في( غ)، وما أثبتناه من السياق.
[2] كذا في( م)، وفي( غ):« المشوِّهة للإسلام»، والعبارة غير مثبتة في( ف).