مع الإنسان في هذه الميادين، وإنّما تأخذ بيده في مجال الصراع السياسي والاقتصادي لا أكثر من هذا المقدار. فصيغة الرسالة بطبيعتها صيغة منكمشة محدودة، صيغة تعالج جانباً من الحياة الإنسانيّة؛ فالعصمة العقائديّة التي لابدّ أن تتوفّر في قائدٍ ماركسيٍّ مثلًا هي العصمة في حدود هذه المنطقة التي تعالجها الرسالة العقائديّة الماركسيّة.
2- أمّا الرسالة الإسلاميّة- التي هي رسالة السماء على وجه الأرض- فهي تعالج الإنسان من كلّ نواحيه، وتأخذ بيده إلى كلّ مجالاته، ولا تفارقه وهو على مخدعه في فراشه، وهو في بيته[1] بينه وبين نفسه، وهو في أيّ مجالٍ من مجالات حياته، هذه الرسالة معه، وحيث إنّ هذه الرسالة معه ولا تفارقه في أيّ مجالٍ من مجالات حياته، لهذا تكون الصيغة المحدودة من العصمة على أساس هذه الرسالة أوسع نطاقاً وأرحب افقاً وأقسى شروطاً، وأقوى من ناحية مفعولها وامتدادها في كلّ أبعاد الحياة الإنسانيّة.
فعصمة الإمام ليست هي عبارة عن مجرّد النزاهة في الحكم، وليست هي عبارة عن مجرّد الترفّع عن المال، بل هي عبارة عن النزاهة في كلّ فكرة، وفي كلّ عاطفة، وفي كلّ الشؤون. والنزاهة في كلّ فكرة وعاطفة وشأن هي عبارة عن انصهارٍ كاملٍ مع مفاهيم وأحكام الرسالة الإسلاميّة في كلّ مجالات هذه الأفكار والعواطف والشؤون.
هذا استطرادٌ كان لا بدّ منه.
إذاً، فالعصمة شرطٌ لمجموع الاتجاهات العقائديّة، ونحن أيضاً نؤمن بأنّ العصمة هي شرطٌ في هذا الاتجاه.
وبطبيعة الحال حينما نقول بأنّ العصمة شرطٌ في هذا الاتجاه لا نقصد بها
[1] في( ف) إضافة:« بينه وبين ربّه، ..».