التجربة يجب أن تكون على مستوى العصمة[1]. وهذا في الواقع ليس من مختصات الشيعة؛ ليس من مختصّات الشيعة الإيمانُ بأنّ الإمام يجب أن يكون معصوماً، بل هذا ما تؤمن به كلُّ الاتجاهات العقائديّة في العالم على الإطلاق. أيُّ اتّجاهٍ عقائديٍّ في العالم يريد أن يبني الإنسان من جديدٍ في إطار عقيدته، ويريد أن ينشئ للإنسانيّة معالمَ جديدةً فكريّةً وروحيّةً واجتماعيّةً، هذا الاتجاه العقائدي يشترط- لأنْ ينجح[2]، وأن يتنجَّز، وأن يأخذ مجراه في خطّ التاريخ- أن يكون القائد الذي يمارس تطبيق هذا الاتجاه معصوماً.
يشترط في القيادة التي تطبّق الماركسيّة- بوصفها اتجاهاً عقائديّاً يريد أن يصنع[3] الإنسان ويبلوره في إطاره الخاصّ- أن يكون معصوماً، إلّا أنّ مقاييس العصمة تختلف. في الاتجاه الماركسي يجب أن يكون القائد الذي يمارس تطبيقه معصوماً بمقاييس الماركسيّة، والقائد الذي يمارس زعامة التجربة الإسلاميّة يجب أن يكون معصوماً بمقاييس إسلاميّة، والعصمة في الحالتين بمفهومٍ واحد، وهو عبارة عن: الانفعال الكامل في الرسالة، والتجسيد الكامل لكلّ معطياتها في النطاقات الروحيّة والفكريّة والعمليّة.
هذه هي العصمة، والشيعة لم يشذّوا- باشتراط العصمة في الإمام- عن أيّ اتجاهٍ عقائديٍّ آخر؛ ولهذا نرى في الاتجاهات العقائديّة الاخرى كثيراً ما يُتّهم القائد الذي يمثّل الاتجاه بأنّه ليس معصوماً، توجَّه إليه نفس التهمة التي يوجّهها المسلمون الواعون- أصحابُ عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)- إلى الخلفاء الذين تولَّوا الخلافة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله). نفس هذه التهمة يوجّهونها إلى القادة الذين يعتقدون أنّهم لم ينصهروا برسالاتهم، ولم يتفاعلوا باتجاهاتها تفاعلا
[1] في( م) و( ف):« العبء»، وما أثبتناه من( غ)، وهو المناسب للسياق.
[2] في( م):« يُنتج»، وما أثبتناه من( غ) و( ف).
[3] في( م):« يصيغ»، وما أثبتناه من( غ) و( ف).