الأعداء، مع المشركين، مع المنافقين، من كلّ صوبٍ وحدب، لم يكن ليتوفّر لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوقتُ لتدريبهم وتثقيفهم على مستوى القيادة.
صحيحٌ أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يمارس تثقيفاً عالياً لأجل إيجاد امّةٍ واعية، امّةٍ تتمتّع بالحدّ الأدنى من الوعي، ولكن لم يكن هناك تخطيطٌ من قِبَل النبي (صلّى الله عليه وآله)، أو: لم يكن هناك تخطيطٌ من قِبَلهم أيّام النبي (صلّى الله عليه وآله) في أن يُثقِّفوا أنفسهم ويهيِّئوا أنفسهم لكي يتسلّموا الحكم بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولهذا قال عمر بن الخطّاب عندما عزّت عليه الفتوى أنّه: ألهانا أيّام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الصَّفْقُ في الأسواق عن تعلّم مثل هذا الحكم[1].
نحن لا نقول: إنّه ألهاه الصَّفْقُ في الأسواق، افرضوا: ألهته الحرب والغزو والجهاد في المقام عن تعلّم مثل هذه الأحكام، مع هذا هو في النتيجة لم يتهيَّأ لمستوى القيادة. [سواءٌ] قلنا بأنّه اشتغل بالصفق في الأسواق كما هو يعترف، أو انشغل بوضع الدولة الإسلاميّة وظروفها السياسيّة والعسكريّة، على أيّ حالٍ: لم يتهيّأ للقيادة.
من هنا نرى أنّ أبا بكر وعمرَ كانا عاجِزَين عن تحديد أبسط الأحكام الشرعيّة؛ لأنّه لم يكن [عندهما][2] تثقيف للاختزان إلى ما بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
قلنا في بعض الأيّام السابقة[3]: إنّ صلاة الميّت التي كان يمارسها النبي (صلّى الله عليه وآله) أمام المسلمين، وكان يمارسها في كلّ يوم تقريباً؛ لأنّه كان هناك عددٌ كبيرٌ من المسلمين يموتون، وكان النبي (صلّى الله عليه وآله) يصلّي عليهم، مع هذا اختلف المسلمون بعد هذا، اختلف هؤلاء القادة: بأنّ التكبيرات في صلاة الميّت كم
[1] راجع: المسند( ابن حنبل) 400: 4؛ الجامع الصحيح( مسلم) 179: 6. وقد تقدّمت الإشارة إلى هذا الموقف في المحاضرة الخامسة، تحت عنوان: عدم إعداد الذين تولّوا الحكم إعداداً إلهيّاً.
[2] في( م) و( غ) و( ف):« عندهم».
[3] في المحاضرة الخامسة، تحت عنوان: عدم إعداد الذين تولّوا الحكم إعداداً إلهيّاً.