كبيرٍ من الإنسان، وبالتالي- وبقانون التفاعل بين الأجزاء بعضها مع بعضٍ- سوف لن يسيطر على بقيّة الأجزاء.
يعني: إنّ الانحراف في هذا المجال يشكّل بداية خطرٍ على التجربة الإسلاميّة كلّها، على عمليّة التربية الإسلاميّة كلّها، ولم يكن مجرَّدَ استبدال شخصٍ بشخصٍ آخر، لم يكن ظلماً لعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) بما هو عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وإنّما كان ظلماً للتجربة الإسلاميّة، وبالتالي للبشريّة كلّها.
عدم كفاءة قيادة التجربة الإسلاميّة[1]:
هذا الانحراف وقع بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله)، وتمثّل في أنّ جماعةً من صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله) لم يرتضوا عليّاً المنصوصَ عليه من قبل النبي (صلّى الله عليه وآله) للخلافة، فتصدّى بعضُهم لها، ومارس هؤلاء المرشّحون الحكمَ وقيادةَ التجربة الإسلاميّة، مارس أبو بكر ذلك، ومن بعده عمر بن الخطّاب، ثمّ عثمان بن عفّان.
هؤلاء الصحابة تارةً ننظر إليهم بمنظارٍ شيعيٍّ خاصّ، وهذا المنظار لا نريد أن نتحدّث به، ولكنّا ننظر إلى هؤلاء بقطع النظر عن هذا المنظار الخاصّ، فنقول: إنّ تسلّم هؤلاء لزعامة التجربة الإسلاميّة كان يشكّل بداية الانحراف، وكان سبباً حتميّاً لتأرجح التجربة بين الحقّ والباطل، واستبطانها شيئاً من الباطل، واتّساع دائرة الباطل بالتدريج، وذلك [لعدّة امور][2]:
1- الرواسب الجاهليّة:
أمّا أوّلًا؛ فلأنّ هؤلاء الصحابة الذين تسلّموا زمام الحكم اناسٌ يشهد التاريخ عن حياتهم بأنّهم عاشوا الجزء الأكبر من حياتهم في عصرٍ جاهلي[3]،
[1] سبق أن تعرّض الشهيد الصدر( قدّس سرّه) للحديث عن بعض هذه النقاط في المحاضرة الخامسة.
[2] ما بين عضادتين من( ف).
[3] فالخليفة الأوّل عمّر 63 عاماً وتوفّي سنة 13 ه-( الفتوح 121: 1- 123)، فيكون قد عاش في الجاهليّة 40 عاماً. والخليفة الثاني ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة( الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1145: 3)، فيكون قد عاش فيها 27 عاماً. والخليفة الثالث ولد في السنة السادسة بعد الفيل( الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1038: 3)، فيكون قد عاش فيها 34 عاماً.