لكنّ هذه الامّة بقيت كمسلمين، ولكنْ- بحسب المنطق وتسلسل الأحداث- من المحتوم أن تنهار الامّة بعد انهيار التجربة. هذه الامّة- كامّةٍ تدين بالإسلام، وتؤمن بالإسلام، وتتفاعل مع الإسلام- أيضاً تنهار، لماذا؟
لأنّ هذه الامّة ما عاشت[1] الإسلام الصحيح الكامل مدىً طويلًا من الزمن، [وإنّما] عاشت الإسلام الصحيح الكامل زمناً قصيراً، وهو الزمن الذي مارس فيه التجربةَ شخصُ الرسول (صلّى الله عليه وآله). ومن ثمّ عاشت تجربة منحرفة، هذه التجربة المنحرفة لم تستطع أن تعمّق فيها الرسالة، وتعمّق فيها المسؤوليّة تجاه عقيدتها، ولم تستطع أن تثقّفها، وتحصّنها، وتزوّدها بالضمانات الكافية لعدم الانهيار أمام حضارةٍ جديدةٍ وغزوٍ جديدٍ وأفكارٍ جديدةٍ يحملها الغازي إلى بلاد الإسلام.
هذا الغازي الذي يأتي فيحطّم التجربة ويحطّم المجتمع الإسلامي والدولة الإسلاميّة يأتي معه بتقاليد ومفاهيم وحضارةٍ وتصوّراتٍ وعادات، هذه كلّها سوف تؤثّر على الامّة الإسلاميّة التي لم تعرف الإسلام معرفةً حقيقيّةً طيلة هذه التجربة المنحرفة، وسوف لن تجد هذه الامّة في نهاية تلك التجربة المنحرفة- وبعد أن نفدت[2] روحها الحقيقيّة، وبعد أن اهينت كرامتها، وبعد أن حُطّمت إرادتها، وبعد أن غلّت أياديها عن طريق الزعامات التي مارست تلك التجربة المنحرفة- ما تحصّن نفسها به ضدَّ ما يطرأ بعد انهيار التجربة.
وحينئذٍ ستنهار الامّة أيضاً، وسوف تندمج بالعالَم الكافر الذي غزاها وفتحها وسيطر عليها، وسوف تذوب الرسالة والعقيدة، وتصبح الامّة خبراً بعد أن كانت أمراً حقيقيّاً على مسرح التاريخ، وبعد هذا ينتهي دور الإسلام.
هذا هو التسلسل المنطقي بقطع النظر عن دور الأئمّة (عليهم السلام).
[1] أي:« لم تَعِش».
[2] في( غ):« فقدت».