ومحاولة فهم وضعهم (عليهم السلام) بعد أن اقصوا عن مراكزهم القياديّة في تزعّم التجربة الإسلاميّة للمجتمع، للدولة، للُامّة.
ج- ولأنّ هذه الدراسة ربما تعطينا الضوء الذي نستعين به في تصوّرنا وموقفنا الإسلامي تجاه قضايانا وأهدافنا.
التسلسل المنطقي للانحراف بقطع النظر عن دور الأئمّة (عليهم السلام):
الفكرة التي اريد عرضها خلال هذا البحث تتلخّص في عدّة أسطر، ولذا سنعرض هذا الملخّص، ومن ثمّ ننتقل إلى الشرح والتوسيع، والفكرة هي: أنّ الإسلام جابه بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) انحرافاً خطيراً في صميم التجربة التي أنشأها النبي (صلّى الله عليه وآله) للمجتمع الإسلامي والامّة الإسلاميّة.
هذا الانحراف في التجربة الاجتماعيّة والسياسيّة للُامّة، في الدولة الإسلاميّة، كان من المفروض- بحسب طبيعة الأشياء[1]– أن يتّسع ويتعمّق بالتدريج وعلى مرّ الزمن؛ لأنّ الانحراف يبدأ بذرةً ثمّ تنمو، وكلّما تحقّقت مرحلة من هذا الانحراف مهّدت هذه المرحلة إلى مرحلةٍ أوسع وأرحب.
وبناءً عليه، كان من المفروض أن يصل هذا الانحراف في خطّه المنحني[2]– طوال عمليّةٍ تاريخيّةٍ وزمنيّةٍ طويلة المدى- إلى الهاوية، أي إلى أبعد مدىً متصوّرٍ لهذا الانحراف، بحيث تصبح التجربة الإسلاميّة للمجتمع والدولة مليئةً بالتناقضات من كلّ جهةٍ وصوب، وتصبح عاجزةً عن مجاراة ومواكبة الحدّ الأدنى من حاجات ومصالح الامّة، بمعنى أن تتهاوى هذه التجربة بالتدريج،
[1] في المحاضرة المدوّنة تقدّمت الجملة الاعتراضيّة على قوله( قدّس سرّه):« من المفروض».
[2] السير والانحناء التنازلي هنا وصفٌ للمنحرِف، بينما السير التصاعدي الآتي وصفٌ للانحراف نفسه، وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك في المحاضرة الخامسة، تحت عنوان: حيثيّات بدء أمير المؤمنين( عليه السلام) الصراع السياسي.