هذه المسألة البسيطة العباديّة الصرفة البعيدة عن كلّ مجالات الهوى، عن كلّ مجالات السياسة والاقتصاد ونحو ذلك، مسألة تعبّديّة صرفة، ليس فيها هوى؛ فالاختلاف هنا اختلافٌ ناشئٌ من جهلٍ حقيقةً، لا اختلافٌ ناشئٌ من هوى، ليس من قبيل الاختلاف في حكم الأرض، في حكم الغنيمة، في حكم الخمس؛ هناك قد يقال بأنّ هذا ليس جهلًا، هذا هوى، لكنْ صلاة الميّت!!
رسول الله كان كلّ ميّت يموت من المؤمنين يذهب إلى الخارج ويصلّي عليه مع المسلمين، والمسلمون يصلّون جماعةً مع النبي. عملٌ مكشوفٌ أمام أعينهم، مع هذا اختلف الناس فيه في ما بينهم، واختلف الخلفاء في ما بينهم، في أنّه كم عدد التكبيرات في صلاة الميّت؟!
كلّ هذا ينشأ من عدم التهيئة السابقة، من عدم الاستعداد السابق لممارسة الحكم، ولقيادة هذه التجربة.
5- التوسّع الكمّي للُامّة الإسلاميّة في ظلّ غياب الاطروحة الحيّة:
يضاف إلى كلِّ ذلك، يُضاف إلى أنّ الامّة كانت تحمل طاقةً حراريّةً ولم تكن واعية، وإلى أنّ الحاكم كان قاصراً ومقصِّراً، يضاف إلى ذلك: أنّ الإسلام كان على أبواب تحوّلٍ كمّيٍّ هائل، كان على أبواب أن يفتح أحضانه لُاممٍ جديدةٍ لم ترَ النبي (صلّى الله عليه وآله)، ولم تسمع آيةً من القرآن من فم النبي على الإطلاق.
تلك الامّة التي خلّفها النبي كانت تحمل طاقةً حراريّةً، لكن بعد أن اتّسعت الامّة كمّيّاً وضمّت إليها شعوباً كثيرةً، ضمّت إليها الشعب العربي بكامله تقريباً في أيّام عمر بن الخطّاب، وضمّت إليها كثيراً من الشعوب الاخرى: