تحمل وعياً مستنيراً يجتثّ اصول الجاهليّة، إذاً فهي بوصفها المجموعي ليست معصومة، وإذا لم تكن معصومةً بوصفها المجموعي، إذاً فلا تقف في وجه هذا الانحراف، ولا يمكن أن تكون ضماناً لعدم هذا الانحراف.
2- استبطان الذين تولَّوا الحكم قدراً كبيراً من الأفكار الجاهليّة:
يبقى الحاكم نفسه، هذا الحاكم نفسه أيضاً قلنا بأنّه حتّى لو أخذنا بالنسبة إلى الحاكم بغير مفهومنا عن هذا الحاكم، مع هذا تبقى في المقام طبيعةُ الأشياء وطبيعةُ الأحداث تفرض أن يكون هذا الحاكم عرضةً للانحراف، وعرضةً لتحطيم التجربة الإسلاميّة، وبالتالي تحطيم جميع الاصول الموضوعيّة والإطار العام لهذه التجربة الشريفة المباركة؛ فإنّ الحاكم- أوّلًا- هو جزءٌ من هذه الامّة، جزءٌ عاديٌّ من هذه الامّة التي قلنا بأنّها لم تكن تحمل وعياً مستنيراً، بل كانت تحمل طاقةً حراريّة.
ولنفرض أنّ هذا الحاكم لم يكن شخصاً متميِّزاً عن هذه الامّة بانحرافٍ خاصٍّ، أو بتخطيطٍ سابق للاستيلاء على الحكم، أو بتصميمٍ على قتل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في سبيل الاستيلاء على الحكم .. فلنفرض أنّ كلَّ هذا لم يكن، وإنّما هو جزءٌ عاديٌّ من هذه الامّة، لا تدلّ سوابقه- على أحسن تقدير- على أكثر من أنّه جزءٌ عاديٌّ من هذه الامّة التي كانت تحمل طاقةً حراريّةً، ولم تكن تحمل وعياً مستنيراً ..
إذاً، فكونه جزءاً من هذه الامّة بهذا المعنى معناه: أنّ الحاكم يستبطن قدراً كبيراً من الأفكار الجاهليّة والعواطف الجاهليّة والمشاعر الجاهليّة[1].
وهذا كان واضحاً من اللحظة الاولى في يوم السقيفة. من اللحظة الاولى
[1] وهو ما اعترف به الخليفة الأوّل نفسه؛ حيث قال:« أما والله، ما أنا بخيركم .. إنّ رسول الله[( صلّى الله عليه وآله)] كان يُعصم بالوحي وكان معه ملك، وإنّ لي شيطاناً يعتريني» الجامع( الأزدي) 336: 11؛ الطبقات الكبرى 159: 3؛ الإمامة والسياسة 34: 1؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 224: 3.