من الرواسب الفكريّة والعاطفيّة والنفسيّة التي لم تكن قد استؤصلت بعد.
عوامل انطماس النظريّة الإسلاميّة للحياة الاجتماعيّة[1]:
قد يقول قائل: إذاً ماذا كان يصنع النبي (صلّى الله عليه وآله) إذا لم تكن قد استؤصلت هذه الرواسب؟!
الجواب على ذلك: بأنّ هذه الرواسب ليس استئصالها شيئاً سهلًا يسيراً، وذلك:
1- الدعوة الإسلاميّة طفرة وليست خطوة:
أمّا أوّلًا؛ فلأنّ الدعوة الإسلاميّة التي جاء بها النبي (صلّى الله عليه وآله) لم تكن مجرّد خطوة إلى الأمام، بل كانت طفرةً بين الأرض والسماء.
إذا لاحظنا حال العرب قبل الإسلام ولاحظنا مستوى الرسالة الإسلاميّة، نرى أنّ المستوى هو مستوى الطفرة بين الأرض والسماء، لا مستوى الحركات الإصلاحيّة التي توجد في المجتمعات العالميّة، وهي مستوى الخطوة إلى الأمام.
أيّ حركة إصلاحيّة تنبع من الأرض، وتنبع من عبقريّة الإنسان بما هو إنسان، هي تزحف بالمجتمع خطوةً إلى الأمام لا أكثر: المجتمع كان قد وصل إلى الخطوة السابعة، هذه الحركة الإصلاحية التي تنبع من الأرض تتقدّم به خطوة واحدة أو خطوتين أو ثلاث خطوات في خطّ التقدّم، وحينئذٍ من الممكن- في زمن قصير- أن تُستأصل رواسب الخطوة السابعة بعد الدخول
[1] يبدو من كلام الشهيد الصدر( قدّس سرّه) الآتي أنّه كان ينوي الحديث عن عوامل( صعوبة استئصال الرواسب الجاهليّة في عهد النبي( صلّى الله عليه وآله))، وهو ما بحثه في النقطة الاولى الآتية، ولكنّ البحث قاده إلى الحديث عن عوامل( انطماس النظريّة الإسلاميّة للحياة الاجتماعيّة) بحسب تعبيره( قدّس سرّه)، فلاحظ. وسيأتي الحديث عن بعض هذه النقاط في المحاضرة السادسة، تحت عنوان: مضاعفات وفاة رسول الله( صلّى الله عليه وآله)( 2).