4- موقف الخليفة الثاني من حكم الأرض المفتوحة:
والأزمة التي مرّت بعمر بن الخطّاب في تحقيق حال الأرض المفتوحة عنوة، وأنّ الأرض المفتوحة عنوةً: هل تقسّم على المقاتلين؟ أو أنّها تجعل لبيت المال وتجعل ملكاً عامّاً؟
هذه الأزمة تعطي في المقام كيف أنّ هذه الامّة تردّت في لحظة الانفعال؛ لأنّ وجوه المهاجرين والأنصار، [لأنّ] هؤلاء الأبرار المجاهدين، هؤلاء الذين عاشوا كلَّ حياتهم الكفاحَ والجهادَ في سبيل الله، هؤلاء أخذوا يصرّون إصراراً مستميتاً على أنّ هذه الأراضي يجب أن توزّع عليهم، وعلى أنَّ كلَّ واحدٍ منهم يجب أن ينال أكبر قدرٍ ممكنٍ من هذه الأرض، إلى أن أفتى عليُّ بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) بأنّ الأرض للمسلمين جميعاً، لمن هو موجود الآن ولمن يوجد بعد اليوم إلى يوم القيامة[1].
هذه اللحظات، لحظات الانفعال- لحظات الانفعال الانخذاليّة ولحظات الانفعال الانتصاريّة- هي التي تحدّد أنّ الامّة هل كانت تحمل طاقةً حراريّةً أو تحمل وعياً.
إذاً، فالامّة كانت تحمل وعياً، ولكنْ من وراء هذا الوعي يوجد قدرٌ كبير
[1] « وشاور عمر أصحاب رسول الله في سواد الكوفة، فقال له بعضهم: تقسمها بيننا، فشاور عليّاً، فقال: إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء، ولكن تقرّها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا» تاريخ اليعقوبي 151: 2- 152.« كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقّاص حين فتح السواد: أمّا بعد، فقد بلغني كتابك تذكر أنّ الناس سألوك أن تقسم بينهم ما أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي فانظر .. واترك الأرض والأنهار لعمّالها ليكون ذلك في أعطِيات المسلمين؛ فإنّك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن يبقى بعدهم شيء» فتوح البلدان: 261؛ معجم البلدان 44: 1. وسيرجع الشهيد الصدر( قدّس سرّه) إلى هذه الحادثة في المحاضرة الثامنة، تحت عنوان: الخطّ الثاني: خطُّ تحصين الامّة، معالجة العامل الكمّي. وقد تعرّض( قدّس سرّه) لها في: اقتصادنا: 492؛ حيث درس المسألة وخلص إلى استنتاج أحكامها العامّة( اقتصادنا: 503)، وراجع: محاضرات تأسيسيّة: 414 وما بعد.