هنا: الامّة التي تحمل الطاقة الحراريّة تنهار أمام لحظة انفعال.
2- نظرة المسلمين إلى النبوّة بوصفها سلطاناً:
لحظة انفعالٍ اخرى أيضاً في تاريخ هذه الامّة بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله). هذه لحظة انفعال، لحظة انفعالٍ كبيرة؛ لأنّ رحيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يشكّل أزمة نفسيّة هائلة بالنسبة إلى الامّة الإسلاميّة التي لم تكن قد تهيّأت بعدُ ذهنيّاً وروحيّاً لأنْ تفقد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
في هذه اللحظة من الانفعال أيضاً المشاعرُ التي كانت في الأعماق برزت على السطح.
هناك تكلّمنا عن الأنصار، هنا نتكلّم عن المهاجرين: ماذا قال المهاجرون في لحظة الانفعال؟ هؤلاء المهاجرون، هؤلاء الذين هاجروا من بلادهم، تركوا دورَهم، عوائلهم، قومهم في سبيل الإسلام، ماذا قالوا؟ ماذا كان موقفهم؟
كان موقفهم أنّهم قالوا: إنّ السلطان سلطان قريش! إنّ سلطان محمّد سلطان قريش، وسلطان قريش نحن أولى به من بقيّة العرب، أولى به من بقيّة المسلمين[1].
هنا برز الشعور القَبَلي أو الشعور القومي في لحظة انفعال؛ لأنّ هذه اللحظة من الانفعال من طبيعتها أن تشكّل صدمةً بالنسبة إلى الطاقة الحراريّة، يصبح الإنسان في حالةٍ غير طبيعيّة، في هذه الحالة غير الطبيعيّة- حيث لا يوجد وعيٌ عاصم- ينهار[2] أمام تلك الأفكار المستترة، أمام تلك العواطف
[1] الإمامة والسياسة 25: 1، 29؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 220: 3. وقد عبّر عن هذه العقيدة أبو سفيان، الذي قال للعبّاس يوم فتح مكّة:« يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً! قال: قلت: يا أبا سفيان! إنّها النبوّة» البداية والنهاية 290: 4.
[2] أي: الإنسان.