الحدّ على المدى الطويل يجب أن يعالج عن طريق التوعية على الخطّ الطويل، وهو الشيء الذي كان يمارسه النبي (صلّى الله عليه وآله).
وأمّا المشكلة بحدّها الآني [ف-]- يجب أن تعالج أيضاً معالجةً آنيّة، والمعالجة الآنيّة لا تكون إلّا عن طريق إعطاء مزيدٍ من هذه الطاقة الحراريّة لتسيطر على لحظة الانفعال.
ماذا قال لهم؟ كيف ألهب عواطفهم؟
قال لهم: أَلا ترضون أن يذهب اولئك- يرجعون إلى بلادهم- بمجموعة من الأموال الزائفة وأنتم ترجعون إلى بلادكم بمحمّد؟! ألا ترون أنّ غنيمتكم أكبر من غنيمتهم؛ لأنّكم ترجعون بالنبي إلى المدينة، وهؤلاء يرجعون بكومةٍ من الأموال لا تنفعهم إلّا برهةً من الزمان؟!
هذه كانت دفعةً حراريّةً كبيرةً جدّاً. تحوّل الموقف في لحظة: هذه الامّة التي تعيش اللحظات العاطفيّة هكذا يكون شأنها، تحوّلت هذه الامّة، أخذ يبكي هؤلاء الأوس والخزرج، يبكون أمام رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يستغفرون ويعلنون ولاءهم، تضحيتهم، استعدادهم، يقينهم به.
أراد (صلّى الله عليه وآله) أن يعمّق أكثرَ هذا الموقفَ العاطفي؛ فبعد أن سكن بكاؤهم وهدأت عواطفهم قال لهم: ألا تقولون لي في مقابل هذا؟! أخذ يترجم بعض الأحاسيس المستترة في نفوسهم لأجل أن يهيّج عواطفهم تجاهه، ولأجل أن يُشيع في ذلك المجلس جوّاً عاطفيّاً روحيّاً يتغلّب على الموقف، إلى آخر القصّة[1].
[1] السيرة النبويّة( ابن هشام) 499: 2؛ الطبقات الكبرى 117: 2؛ الكتاب المصنّف في الأحاديث والآثار( ابن أبي شيبة) 416: 7؛ المسند( ابن حنبل) 188: 3؛ الجامع المسند الصحيح المختصر( البخاري) 59: 4؛ الجامع الصحيح( مسلم) 106: 3؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 94: 3؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 145: 1؛ دلائل النبوّة 173: 5؛ تاريخ الإسلام 600: 2؛ البداية والنهاية 357: 4.