ويحوِّل تمام مرافق الإنسان من مرافق للفكر الجاهلي، للعاطفة الجاهليّة، للذوق الجاهلي، إلى مرافق للفكر الإسلامي والعاطفة الإسلاميّة والذوق الإسلامي. هذا هو الوعي.
2- وأمّا الحرارة، الطاقة الحراريّة، فهي عبارة عن توهّجٍ عاطفيٍّ حارٍّ مسعور[1]، قد يبلغ في مظاهره نفسَ ما يبلغه الوعيُ في ظواهره، بحيث يختلط الأمر؛ فلا يُميَّزُ بين الامّة التي تحمل مثل هذه الطاقة الحراريّة وبين امّةٍ تتمتّع بذلك الوعي إلّا بعد التبصّر.
الفرق بين الامّة الواعية وبين الامّة ذات الطاقة الحراريّة:
إلّا أنّ الفرق ما بين الامّة الواعية والامّة التي تحمل الطاقة الحراريّة فرقٌ كبير:
1- تناقص الطاقة الحراريّة عند ابتعادها عن مركزها، بخلاف الوعي:
فإنّ الطاقة الحراريّة بطبيعتها تتناقص بالتدريج بالابتعاد عن مركز هذه الطاقة. المركز الذي كان يموّن الامّة بهذه الطاقة هو شخص القائد (عليه أفضل الصلاة والسلام)، وكان من طبيعة الحال أن يكون حالُ الامّة بعده في تناقصٍ مستمرّ، حال الشخص الذي يتزوّد من الطاقة الحراريّة للشمس أو النار، ثمّ يبتعد عن الشمس والنار؛ فإنّ هذه الطاقة تتناقص عنده باستمرار.
وهكذا كان: تاريخ الإسلام يثبت أنّ الامّة الإسلاميّة كانت في حالة تناقصٍ مستمرٍّ لهذه الطاقة الحراريّة التي خلّفها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في امّته حين وفاته، بخلاف الوعي؛ فإنّ الوعي- بذلك المعنى المركَّز، الشامل، المستأصِل لجذور ما قبله، والذي يخلُف جميع المفاهيم والأفكار المسبقة- من طبيعته
[1] في( ف):« بشعور»، وفي( غ):« شعور»، والمقطع الصوتي هنا مشوّش، ولكنّ الأقرب أن يكون:« مسعور»، أي: مهيّج( المفردات في غريب القرآن: 411).