انحراف التجربة الإسلاميّة بتهدّم أحد أركانها:
إذاً، التجربة الإسلاميّة كانت تشتمل على عناصر ثلاثة، التجربة الإسلاميّة- باعتبار أنّها عمليّة تربية- كان لا بدّ فيها من عناصر ثلاثة:
أ- من قائد، هذا الذي نسمّيه: المربّي.
ب- ومن تنظيمٍ يُستمدُّ من قبل الشريعة الإسلاميّة.
ج- ومن حقلٍ لهذا التنظيم، وهو الامّة أو المجتمع.
هذه هي العناصر الثلاثة المزدوجة[1] في هذه التجربة.
إذاً، الانحراف كيف بدأ؟
الانحراف هنا بدأ بتغيير أحد هذه العناصر الثلاثة الرئيسيّة في هذه التجربة. هذه التجربة الإسلاميّة- التي هي عمليّة التربية التي كان من الممكن أن تُنشئ بشراً غير البشر، وإنساناً غير الإنسان الذي ترونه الآن على وجه الأرض- هذه العمليّة عمليّة مزدوجة من ثلاثة عناصر: واحدٌ من هذه العناصر تهدّم بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يعني ثلث العمليّة تهدّم، ثلث التجربة الإسلاميّة تهدّم، ثلث البناء الذي لأجله جاء مئة وأربع وعشرون ألف رسالة من السماء، جزءٌ واحدٌ من ثلاثة أجزاء من هذه التجربةتهدّم بذلك.
وكان تهدُّمُ هذا الجزء الواحد كفيلًا- بطبيعة الحال- لأنْ يهدم الجزءين الآخرين؛ لأنّ هذه التجربة متفاعلة في عناصرها، بعد أن ينهدم هذا الجزء ينهدم الجزءان الآخران حتماً.
أنا لا أدري: هل المسلمون وقتئذٍ كانوا يتصوّرون عمق هذا الانحراف بعد هذا؟! أكبر الظنّ أنّهم لم يكونوا يتصوّرون.
[1] المراد: المؤلِّفة أو المكوِّنة، وإلّا فالمزدوج ما كان مثنى، فلاحظ: الصحاح 275: 1؛ لسان العرب 124: 2؛ تاج العروس من جواهر القاموس 178: 3.