كلمة المحقّق:
بسم الله الرحمن الرحيم
استطاع الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه) أن يجسّد بحقّ انموذج المفكّر الجهبذ، الذي جمع إلى جانب عبقريّته الفذّة ونبوغه المتألّق أخلاقَ المعلِّم الناجح والمربّي المعطاء. وإذا كانت كلتا هاتين الخصلتين نادرة التحقّق، فما بالك باجتماعهما معاً في شخصيّة واحدة؟!
لم يكتفِ الشهيد الصدر (قدّس سرّه) يوماً بلعب دور الاستاذ الذي لا تجمعه بطلّابه سوى حدود الدرس ومَدَياته، بل لامس افقاً أرحب ومدىً أبعد، جعل من خلالهما الرسالةَ محوراً للعيش ورحىً للتلاقي.
وفي هذا السياق- الذي يطول شرح أبعاده- لم ينفكّ الإمام الشهيد (قدّس سرّه) عن الاستفادة من العطل الدراسيّة في شهر رمضان المبارك ومناسبات وفيّات المعصومين (عليهم السلام) من أجل ترشيد طلّابه من الناحيتين العلميّة والتربويّة. وقد فصّلنا في مقدّمة كتاب (محاضرات تأسيسيّة) الحديث عمّا يتعلّق بالمحاضرات المنطقيّة والفقهيّة التي ألقاها عليهم في العطل الرمضانيّة.
أمّا ما يرتبط بمحاضراته حول أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، فقد دأب (قدّس سرّه) على استثمار العطل الدراسيّة بمناسبة وفيّاتهم (عليهم السلام)- باستثناء بعضها، كعاشوراء والأربعين-، ليجعل من صاحب المناسبة محوراً لحديثه، فيتناول أبعاد شخصيّته وظروف تحركّه، مبيِّناً طبيعة الدور الذي أدّاه والرسالة التي حماها.