كانت تصل إلى مستوى العمل لتسلّم زمام الحكم من الزعامات المنحرفة؟ أو تقتصر على حماية الرسالة ومصالح الامّة من التردّي إلى الهاوية وتفاقم الانحراف؟!
والجواب عن هذا السؤال يحتاج إلى توسّع في الحديث يضيق عنه هذا المجال، غير أنّ الفكرة الأساسيّة في الجواب[1] المستخلصةَ من بعض النصوص والأحاديث المتعدّدة: أنّ الأئمّة لم يكونوا يَرَون الظهورَ بالسيف والانتصارَ المسلّح آنيّاً كافياً لإقامة دعائم الحكم الصالح على يد الإمام.
إنّ إقامة هذا الحكم وترسيخه لا يتوقّف في نظرهم على مجرَّد تهيئة حملة عسكريّة، بل يتوقّف قبل ذلك على إعداد جيش عقائدي يؤمن بالإمام وعصمته إيماناً مطلقاً، ويعي أهدافه الكبيرة، ويدعم تخطيطه في مجال الحكم، ويحرس ما يحقّقه للُامّة من مكاسب[2].
وكلّكم تعلمون قصّة ذلك الخراساني[3] الذي جاء إلى الإمام الصادق يعرض عليه تبنّي حركة الثوّار الخراسانيّين، فأجّل جوابه، ثمّ أمره بدخول التنوّر، فرفض.
وجاء [هارون المكّي][4]، فأمره بذلك، فسارع إلى الامتثال، فالتفت الإمام إلى الخراساني، وسأله كم له من أمثال [هارون المكّي]؟ وكان هذا هو
[1] في المحاضرة الصوتيّة:« الدراسة»، وما أثبتناه من( إ)، و« المستخلصة» وصفٌ للفكرة.
[2] وهو ما سيتحدّث عنه( قدّس سرّه) في المحاضرتين السابعة والثامنة ضمن الحديث عن الخطّين اللذين عمل عليهما أئمّة أهل البيت( عليهم السلام)، فراجع. وقد تعرّض( قدّس سرّه) لهذه النقطة في بشكل أكثر تفصيلًا في المحاضرة الخامسة والعشرين، تحت عنوان: اتّساع القاعدة الشعبيّة أهّلت الإمام( عليه السلام) للحكم المتعارف لا المنشود. وراجع كذلك: التشيّع والإسلام( بحث حول الولاية): 63،[ الجانب الروحي والسياسي في اطروحة التشيّع].
[3] هو سهل بن حسن الخراساني.
[4] في المحاضرة الصوتيّة و( إ):« أبو بصير»، والصحيح ما أثبتناه وفقاً للمصدر.