المحاورة العرفية والجمع العرفي.
الرابعة: أن يكون صدور القرينة مرهوناً بدليل التعبّد بالسند، وصدور ذي القرينة قطعياً، وفي هذه الحالة قد يقال: بأنّ ظهور ذي القرينة باعتباره أمارةً لا يعارض ظهور القرينة بالذات ليقال بتقدّم ظهور القرينة عليه بالجمع العرفي، بل هو يعارض المجموع المركّب من أمرين، هما: ظهور القرينة، وسندها، إذ يكفي في بقاء ظهور ذي القرينة أن يكون أحد هذين الأمرين خاطئاً، وعليه فما هو المبرِّر لتقديم القرينة الظنية السند في هذه الحالة؟
ومجرَّد أنّ أحد الأمرين المذكورين له حقّ التقديم- وهو ظهور القرينة- لا يستوجب حقّ التقديم لمجموع الأمرين.
وإن شئت قلت: إنّ شمول دليل حجّية الظهور لذي القرينة وإن كان لا يعارض شموله لظهور القرينة ولكنّه يعارض شمول دليل التعبّد بالسند لسند القرينة، ومن هنا استشكل في تخصيص العامّ الكتابي بخبر الواحد.
ويقال في الجواب على ذلك: إنّ دليل حجّية الظهور قد اخذ في موضوعه عدم صدور القرينة على الخلاف، ودليل التعبّد بسند القرينة يثبت صدور القرينة على الخلاف، فهو حاكم على دليل حجّية الظهور؛ لأنّه يثبت تعبّداً انتفاء موضوعه فيقدّم عليه بالحكومة.
نعم، هناك ملاك آخر للاستشكال في تخصيص العامّ الكتابي بخبر الواحد، وهو: إمكان دعوى القصور في دليل التعبّد بالسند للشمول لخبرٍ مخالفٍ للعامِّ القطعي الكتابي؛ لأنّ أدلّة حجّية خبر الواحد مقيّدة بأن لا يكون الخبر مخالفاً للكتاب، وسيأتي[1] الكلام عن ذلك إن شاء اللَّه تعالى.
[1] تحت عنوان: روايات العرض على الكتاب.