أحدها: أن يكون العلم المتعلّق بالفرد معيِّناً لنفس المعلوم بالإجمال، بمعنى العلم بأنّ هذا الفرد هو نفس المعلوم الإجمالي المردّد. ولا شكّ حينئذٍ في سراية العلم من الجامع الى الفرد وفي حصول الانحلال.
ثانيها: أن لا يكون العلم بالفرد ناظراً إلى تعيين المعلوم الإجمالي مباشرة، غير أنّ المعلوم الإجمالي ليس له أيّ علامةٍ أو خصوصيةٍ يحتمل أن تحول دون انطباقه على هذا الفرد، كما إذا علم بوجود إنسانٍ في المسجد ثمّ علم بوجود زيد.
والصحيح هنا: سراية العلم من الجامع الى الفرد وحصول الانحلال أيضاً، إذ يعود العِلمان معاً الى علمٍ تفصيليٍّ بزيدٍ وشكٍّ بدويٍّ في إنسانٍ آخر.
ثالثها: أن لا يكون العلم بالفرد ناظراً الى تعيين المعلوم الإجمالي، ويكون للمعلوم الإجمالي علامة في نظر العالم غير محرزة التواجد في ذلك الفرد، كما إذا علم بوجود إنسانٍ طويلٍ في المسجد، ثمّ علم بوجود زيدٍ وهو لا يعلم أ نّه طويل أوْ لا.
والصحيح هنا: عدم الانحلال؛ لعدم إحراز كون المعلوم بالعلم الثاني مصداقاً للمعلوم بالعلم الأول بحيث يصحّ أن ينطبق عليه، فلا يسري العلم من الجامع الإجمالي الى تحصُّصه ضمن الفرد.
رابعها: أن يكون العلم الساري الى الفرد تعبّدياً، بأن قامت أمارة على ذلك بنحوٍ لو كانت علماً وجدانياً لحصل الانحلال.
وقد يتوهّم في مثل ذلك الانحلال التعبّدي بدعوى: أنّ دليل الحجّية يرتِّب كلّ آثار العلم على الأمارة تعبّداً، ومن جملتها الانحلال.
ولكنّه توهّم باطل؛ لأنّ مفاد دليل الحجّية إن كان هو تنزيل الأمارة منزلة العلم فمن الواضح أنّ التنزيل لا يمكن أن يكون ناظراً الى الانحلال؛ لأنّه أثر تكوينيّ للعلم وليس بيد المولى توسيعه. وإن كان مفاد دليل الحجّية اعتبار الأمارة