القدرة على مغالبة الضعف في كلّ الحالات. حبّ اللَّه سبحانه وتعالى هو الذي جعل اولئك السحرة يتحولون إلى روّاد على الطريق، فقالوا لفرعون: «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا»[1]. كيف قالوا هكذا؟ لأنّ حب اللَّه اشتعل في قلوبهم، فقالوا لفرعون بكل شجاعة وبطولة «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا».
حبّ اللَّه هو الذي جعل علياً عليه الصلاة والسلام دائماً يقف مواقف الشجاعة، مواقف البطولة. هذه الشجاعة، شجاعة علي عليه السلام ليست شجاعة السباع، ليست شجاعة الاسود، وإنّما هي شجاعة الإيمان وحبّ اللَّه، لماذا؟ لأنّ هذه الشجاعة لم تكن فقط شجاعة البراز في ميدان الحرب، بل كانت أحياناً شجاعة الرفض، أحياناً شجاعة الصبر.
علي بن أبي طالب ضرب المثل الأعلى في شجاعة المبارزة في ميدان الحرب. شدّ حزامه وهو ناهز الستين من عمره الشريف وهجم على الخوارج وحده، فقاتل أربعة آلاف إنسان. هذه قمّة الشجاعة في ميدان المبارزة؛ لأنّ حبّ اللَّه أسكره، فلم يجعله يلتفت إلى أنّ هؤلاء أربعة آلاف وهو واحد.
وضرب قمّة الشجاعة في الصبر، في السكوت عن الحقّ، حينما فرض عليه الإسلام أن يصبر عن حقّه وهو في قمّة شبابه، لم يكن في شيخوخته، كان في قمّة شبابه، كانت حرارة الشباب ملء وجدانه، ولكن الإسلام قال له: اسكت، اصبر عن حقك حفاظاً على بيضة الدين، مادام هؤلاء يتحمّلون حفظ الشعائر الظاهرية للإسلام وللدين. سكت مادام هؤلاء كانوا يتحفّظون على الظواهر والشعائر الظاهرية للإسلام والدين، وكان هذا قمّة الشجاعة في الصبر أيضاً. هذه ليست
[1] طه: 72