ويلاحظ في تأريخ العمل الربّاني على الأرض أنّ الوصاية كانت تُعطى غالباً لأشخاصٍ يرتبطون بالرسول القائد ارتباطاً نسبياً أو لذرّيته وأبنائه، وهذه الظاهرة لم تتّفق فقط في أوصياء النبيّ محمدٍ صلى الله عليه و آله، بل اتّفقت في أوصياء عددٍ كبيرٍ من الرسل، قال اللَّه سبحانه وتعالى: «وَلَقَدْ أرْسَلْنَا نُوحَاً وَإبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا في ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتَابَ» [الحدید: ٢٦]، «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيَمانَ» [الأنعام: ٨٤].
فاختيار الوصيِّ كان يتمّ عادةً من بين الأفراد الذين انحدروا من صاحب الرسالة ولم يروا النور إلّا في كنفه وفي إطار تربيته، وليس هذا من أجل القرابة بوصفها علاقةً ماديةً تشكّل أساساً للتوارث، بل من أجل القرابة بوصفها تشكّل عادةً الإطار السليم لتربية الوصيّ وإعداده للقيام بدوره الربّاني. وأمّا إذا لم تحقِّق القرابة هذا الإطار فلا أثر لها في حساب السماء، قال اللَّه تعالى: «وَإذْ ابْتَلَىَ إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتمَّهُنَّ قَالَ إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتي قَالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» [البقرة: ١٢٤].
🔹 الإسلام يقود الحياة (موسوعة الشهيد الصدر ج٥)، ص ١٥٦.